المدينة الأثرية صبراتة (صبره)
تقع مدينة صبراتة التاريخية على بعد 67 كم غرب العاصمة الليبية طرابلس على ساحل البحر الأبيض المتوسط
وسط وشاح اخضر تلتقي عنده نهايات سهل جفارة الفاصل بين حواف الجبل الغربي ومياه المتوسط شديدة الزرقة
وعلى بعد كيلومتر واحد من شوارع المدينة وعماراتها وحركتها الدائبة تجثم بهدوء وسكينة أثار صبراتة الفينيقية
الرومانية بجدرانها الدهرية الفخمة ومدافنها البونيقية وأعمدتها المرمرية ومسرحها الفخم وممراتها المرصوفة
متحدية الزمن وشاهدة على ما عرفته المنطقة من حضارات .
إذا ما غادرت طرابلس وسلكت الطريق الساحلي واتجهت غربا فستبلغ بعد ساعة تقريبا المدينة الأثرية صبراتة
ولعل أول ما يلفت نظر الزائر، أطلال مسرحها الروماني في الجانب الشرقي فيها.
تذكر المصادر التاريخية أن الفينيقيين هم مؤسسو هذه المدينة ثم وقعت تحت سيطرة الرومان ثم الوندال
الذين دمروها كغيرها من المدن التي طالتها أيديهم ثم احتلها البيزنطيون فأعادوا تعميرها إلى أن جاء
الفتح الإسلامي ويذكرها ابن خلدون في تاريخه (المجلد السادس (.
كان الاسم الذي عرفت به هذه المدينة عند العرب هو (صبره) وبه ذكرها ابن خلدون في تاريخه
والتيجاني في رحلته وغيرهما.
وقد أخذت هذه المدينة وضواحيها الطابع العربي بعد هجرة قبائل بني سليم الذين ينحدر سكانها الحاليون
منهم حيث استوطنتها قبيلة العلالقة وهي كما ورد في بعض المصادر بطن من بني علاق بن عوف
من بني سليم؛ ككتاب (المنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب) لمؤلفه المذكور (ص 109).
تشتهر مدينة صبراتة بشاطئ رملي على البحر الأبيض المتوسط تطل عليه غابات الصنوبر والمنتزهات
مثل منتزه صبراتة العائلي، حديقة الحيوانات وكذلك ظهرت بنور( مرتفع ) ومنها تستطيع روية المنطقة بكاملها والمدينة الأثرية.
واسم صبراتة اليوم لا يشمل المدينة الأثرية القديمة فحسب بل إنه يشمل المدينة الحديثة أيضا إضافة إلى
كل المنطقة الممتدة من مدينة زوارة غربا إلى مدينة صرمان شرقا والجبل الغربي جنوبا، وتحدها مدينة
العجيلات من الجنوب الغربي وتشمل هذه الأراضي بعض القرى والمناطق.
كما وَصَف آثار صبراتة الكثير من الرّحالة في القرن التّاسع عشر مثل بارت الذي تحدّث عن المسرح
والأعمدة والأقواس وقد رأى أيضًا رصيف الميناء وتمثالين من الرّخام أحدهما لامرأةٍ ذات جسمٍ متناسقٍ.
ومع الاحتلال الإيطالي لليبيا عام 1911م قرّرت الحكومة الإيطالية تكليف بعثةٍ من كبار المؤرّخين
وعلماء الآثار بالبحث عن الآثار الرّومانية بصبراته وغيرها من المُدن اللّيبية وبدأت الحفائر المُكثّفة
بصبراته من سنة 1923 إلى 1936 وأدّت إلى اكتشاف وترميم معظم مباني وشوارع ومسرح ومدافن
المدينة القائمة حتّى الآن و بها المسرح الكبير التي تقام فيه بعض الحفلات الموسيقية سنويا.
عدد من السياح في صبراتة الأثرية